النص الذي بين يديك مقتطف من رسالة الماجستير التي أنجزتها تحت إشراف الأستاذ الدكتور الراحل محمد حسين الأعرجي، رحمه الله وجزاه عن طلبته في الجزائر وأنا واحد منهم أحسن الجزاء،
النص كان تمهيدا كتبته ضمن رسالتي الموسومة ” الموقف النقدي من التراث عند أدونيس”، وكان الغرض منه كما طلب الأستاذ تقديم وصف تاريخي لحالة العرب العامة قبل أن يتناول أدونيس التراث بالنقد في مشروعه الذي اتخذ من “الثابت والمتحول” نقطة انطلاق له.
النص يقدم مفاتيح لفهم الاتجاه السائد عند العرب في نهاية العقد الثامن من القرن العشرين ، وقد نوقشت هذه الرسالة يوم 29 ماي من عام 1993. عنوان التمهيد : العرب من النهضة إلى الحداثة.
العرب من النهضة إلى الحداثة
العرب من النهضة إلى الحداثة.
تضافرت أسباب سقوط مدنية العرب والمسلمين، فكان منها الأسباب الخارجية التي تعود إلى الصراع بين “عالم الإسلام” والقوى العالمية المناوئة له.[1] والأسباب الداخلية الناجمة عن التمزق السياسي، والركود الثقافي والعلمي. وهي أسباب نمت في مجالات الاقتصاد بتوسع المنافسة التجارية الغربية[2]، فأدت إلى تعميم العجز المادي، بعدما نال العقول والنفوس الانحسار، ورسفت في أغلال التقليد.
وقد أدى طول مرحلة التدهور إلى انحطاط شمل كل ميادين الحياة، ومس الأفراد كما مس المجتمعات، حتى لم يعد “عالم الإسلام” الواسع يتوفر على أدنى مقومات الصمود في وجه خصومه، والطامعين فيه.
وكانت الدولة العثمانية آخر الدول العظمى التي أنشأها المسلمون عبر تاريخهم الطويل، قد سميت في آخر عهدها” الرجل المريض” لما نالها من عجز أقعد القائمين عليها عن التفكير في أكثر من إصلاح يحمي ما بقي من تراثها، وهو تركيا نفسها.
في هذا المحيط المتردي، وفي ملابساته وظروفه التي ميزها تخطيط الغرب، ومشاريعه الرامية إلى اقتسام إرث “الإمبراطورية” العثمانية المتهاوية، بدت على العرب بوادر جديدة للنهوض بمسؤوليتهم الذاتية، التي كانوا قد تنازلوا عنها، أو تركوها لغيرهم من المسلمين، حتى انتهت إلى “آل عثمان”، وإنما جرهم إلى ذلك أسباب من بينها الحرص على وحدة المسلمين، والأخطار التي تحدق بهم.
وكانت مبادرات النهوض والدعوة إليه، أول الأمر، قلقة مضطربة، تنوعت الفئات الواقفة وراءها، وقلت منها الفائدة والنتيجة، غير أنها انتهت بالرغم من ذلك بالبلاد العربية إلى الاستقلال عن العثمانيين، وعن قوى الاستعمار الغربي فيما بعد..
كما سارت بالمجتمع في طريق النهوض الثقافي سيرةً قادته إلى العودة نحو التراث الماضي عودة إحياء، وتوجهت به نحو الغرب تحاول استيعاب علمه وثقافته، واكتساب تقاليد في التنظيم، حتى بلغ الأمر مبلغ الأخذ بأنماط سلوك الغربيين في المأكل والملبس، وغيرهما.
وإنما حدث من العرب ما حدث بسبب انبهارهم بالغرب، ودهشتهم أمام ما حققه من تقدم وتمدن عظيمين، فأخفى ذلك الإعجاب بين طياته ما أصابهم من خيبة وحيرة، أو حنين إلى ما ضاع وانقضى العهد به.
وبين الإعجاب والحسرة، كان العرب يعيشون الصدمة النفسية والعقلية التي دفعتهم إلى الشروع في مراجعة أنفسهم، وحفزتهم إلى الاهتمام بما يمكن أن نسميه ” المشروع العربي الجديد للنهوض” وهو مشروع أريد له أن يعبر عن آمال غير الآمال الماضية، وأن يكون بداية لأعمال ومنجزات تضع العرب في مقام لائق، بين أمم العالم الحية، صانعة حاضر الإنسانية، الساهرة على التخطيط لمستقبل العالم البعيد.
من هذا الطموح بدأ ” المشروع العربي” مختلفا عن ماضي “عالم الإسلام” الذي ائتلفت ضمنه أمم من العرب والفرس والترك، وغيرهم بروابط الدين وعوامل الانتماء إلى دار الإسلام. وكان دافع المشروع الجديد نزوع العرب إلى استعادة وحدة الأمة التي خرجت ذات يوم بالإسلام من جزيرة العرب إلى بلاد العالم، أمة العرب التي تجمعها روابط الدين، واللغة، والثقافة.
لكن دعاة المشروع العربي الجديد ظلوا يدركون تمام الإدراك أن مركز قيادة العالم وإشعاعه انتقل بلا جدال إلى الغرب، ولكي يكون مشروعهم مشروعا للحاضر والمستقبل ينبغي عليه أن ينهل من منابع الغرب، وأن يبني نفسه على هدي دروسه، فخفي ما في هذا المسعى من تقليد وراء غواية الفائدة وطابعها المحسوس.
وبهذه الصورة سار المشروع العربي بخطة النهضة نحو هدف أعمق هو الحداثة. فأملى ذلك أن يكون تطوره مستلهما لتطور الغرب التاريخي، ولتجاربه في السياسة والاجتماع، وفي الثقافة والعقل.
وهكذا قام المشروع العربي على مجموعة من المقولات المتداخلة، والمتقاطعة، بل والمتناقضة أحيانا مثل مقولات القومية والوطنية، أو العلمانية والاشتراكية، أو الليبرالية والديمقراطية، دون أن نغفل التراث والإسلامية، أو السلفية والإصلاح الديني.
وهي مقولات تتنازع المشروع العربي، فتدعي كل منها مشروعية التعبير عنه، وتزعم لنفسها أصالة وصحة الدفاع عن وجوده، كما تحاول الانفراد بمهمة إرساء دعائمه، وتطويره. بل وتخوض كل منها كفاحا إيديولوجيا عنيدا ضد غيرها، بغرض إبعادها عن سلطة التأثير، واستبقائها على هامش عملية بناء هذا المشروع، استئثارا منها بجهد النهوض، وبالنجاح في تحقيق نهضة حضارية شاملة.
أما على مستوى الخطاب فقد ازدوج التعبير عن المشروع العربي، فأطلق عليه لفظ النهضة حينا، ولفظ الحداثة حينا آخر.
أما لفظ النهضة فيحمل في دلالته معنى الحلم العربي، وهو حلم واع غايته نقل العرب من حال الجمود والانحطاط العام إلى حال اليقظة والحزم. بينما يحمل لفظ الحداثة معنى النهوض وفق أنموذج العصر، أي أنموذج الغرب بقيمه، ومنجزاته، وقوته المادية والمعنوية التي تصنع تفوقه وقيادته الباهرين.
وقد استقطبت مقولة “القومية العربية” بوادر النهوض العربي، بعد أن بدا على محاولات الإصلاح في الدولة العثمانية الاتجاه نحو “التتريك” الذي هدد العرب بالاقتلاع من جذورهم[3]، وهو ما فتح أعينهم على حقيقة كونهم يختلفون عن الأتراك، رغم ما يجمع بينهم من روابط الدين.
مما دفع العرب إلى إثارة ضرورة توفر هوية سياسية لهم، بداية من النصف الثاني من القرن الماضي (التاسع عشر)[4]. وبهذا أخذت الدعوة القومية العربية سبيلها إلى العقل العربي، وكانت استجابة موضوعية لمطامحه، ولضروب التحدي التي اصطدم بها في الداخل والخارج [5] .
غير أن هذه الخصوصية لا تنفي عن نشوء القومية ما للاتصال بالغرب وحضارته من أثر، وما للأفكار القومية والليبرالية الصاعدة هناك من دور في بلورة المفهومات القومية ووضوحها في أذهان العرب[6]. ولا يقل، في السياق نفسه، التأثير غير المباشر للتطور الصناعي والمكتشفات الجديدة[7].
وإذا كان فكر النهوض العربي قد ظل مطبوعا منذ بداياته بطابع الارتحال الفكري نحو الغرب، وبمشكلة المعادلة بين التراث والغرب[8]؛ فإن بعض الباحثين ينظرون إلى حركة الإصلاح الإسلامية على أن جهودها أسهمت إسهاما كبيرا في بلورة الفكر القومي العربي، بمحاولتها العودة بالإسلام إلى عصوره الذهبية التي احتضنه فيها العرب، وتولوا نشره، باذلين لذلك الأنفس والأموال، طلبا لتقويته. وإذًا، فالعودة به إلى تلك الأصول إنما هي عودة إلى جذوره العربية الأصلية[9].
ولعل هذا المسار المزدوج للجهد النهضوي هو ما دفع ناقدا مثل غالي شكري إلى الاعتقاد أن العمل النهضوي العربي يتكون من “تأويل التراث” وهو ما يعادل الإصلاح الديني، و “عصر الإحياء” وهو يعني جهد التعريف بالغرب[10].
وقد عبر الكواكبي عن إرادة ” تغليف” رؤيته للقومية العربية بسمات إسلامية، دون أن يقول بحكم ديني[11]، بينما كان عبد الله النديم يدعو إلى قيام “رابطة شرقية ” تجمع بين كل عناصر الدولة العثمانية، بغض النظر عن الاختلاف في الدين[12].
وقد امتد هذا الاتجاه إلى النصف الأول من القرن العشرين، حيث ظهرت ضروبٌ من التحول ذاتيةٌ أعادت العرب إلى محاولات ” الإحياء” التوفيقي بين التراث والعصر، بعد أن كاد التباعد بين التيارين السلفي والعلماني بين 1920م و1930م يجر إلى تصدع بنيان الأمة وكيانها الحضاري[13]. غير أن هذه الهوية الإسلامية للفكرة القومية عرفتها مصر، بينما بقيت الهوية العربية التقليدية مصدر الفكرة القومية في المشرق[14].
ومع منتصف الأربعينات من القرن العشرين، بدأت الدعوة القومية ارتباطها بفكرة الاشتراكية فشمل هذا الارتباط جوانب الفكر والممارسة، وأصبحت ميزة الدعوة القومية مناداتها بتغيير النظام الاجتماعي والاقتصادي[15]، والثورة الشاملة على الأوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة آنذاك.
غير أن الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية شهدت انتقال الحركة القومية من الفكر إلى الممارسة العملية، حيث نشأ وتطور حزب البعث العربي الاشتراكي، وظهر التيار الناصري، ونما بعد ثورة يوليو 1952م[16]. وقد أدى هذا التغيير إلى جعل الاهتمام القومي سياسيا يهدف إلى التغيير في الداخل، وبناء العلاقات العربية الدولية.
وإذا كان البعث لا يعتبر نفسه مذهبا فكريا يدعي ” النظرية الكاملة”، ولا حتى عقيدة سياسية متبلورة، مغلقة ومتحجرة، أو نزعة تجريبية(براغماتية)، أو (وضعية)[17] ؛ فإنه عمل على تأصيل مفهوم القومية العربية بعنصري الثقافة التراثية، والتمثل الحي للماضي، وجعل ذلك سبيلا إلى بناء علاقة الفكر القومي بالتراث الفكري المعاصر على التمثل الحي، لا على مجرد الترجمة والنقل، والتقليد الآلي[18].
وبذلك أراد البعث أن تكون مساهمته في الفكر القومي العربي مساهمة مفتوحة على الجديد.
وقد أدى ارتباط الفكر القومي العربي بالأفكار الاشتراكية إلى ظهور نزعة “تقدمية” متأثرة بنظريات التطور، وبالمفهومات الثورية، والنزعة العلمانية، وكلها من روافد التحديث، فرأى بعضهم في ذلك ما جعل النهضة العربية تسير من مرحلة الموقف العفوي إلى مرحلة الموقف الثوري الجديد[19].
ومع بروز النزعة العلمانية، بدأت معركة وضع الأسس الإيديولوجية للقومية العربية على أيدي مثقفين من أمثال ساطع الحصري، ومحمد عزة دروزة اللذين رفض كل منهما الأساس الديني للفكرة القومية، ونادى بضرورة الفصل بين الاعتبارات الدنيوية، والاعتبارات الدينية[20].
وهكذا أصبحت العلمانية تعني إضفاء الطابع الإنساني والعلمي الموضوعي على الدعوة القومية، والنظر إلى الدين على أنه جزء من التاريخ العربي الذي يعتز به[21]، غير أن النزعة العلمانية غلب عليها الميل إلى الإقليمية بدلا من القومية بعد ذلك[22].
وكان تحول الدعوة القومية إلى دعوة إيديولوجية بسبب ما تهدف إليه من غرس القيم والمثل العليا التي تقدمت بها الفكرة القومية إلى العقل العربي[23]،
وقد حصل هذا التطور بعدما جر التطور السريع العرب إليه من مشكلات، وبعد ما صادفوه من مصاعب الاستجابة لسرعة وتيرة هذا التطور في مجال التحديث والتنمية[24]. ولعل في اعتبار الفكر القومي الفكر الآخر الذي رفضه مجرد عقبة في وجه العمل القومي، ما يؤكد تطوره نحو أن يصبح إيديولوجيا للدعوة القومية[25].
أما محاولات تقويم الفكر القومي فقد تناولت موضوعات تهم الممارسة والفكر، إذ اعتبرت الحركة القومية” الحرية” مرادف الاستقلال السياسي[26]، بينما ضحت بالديمقراطية في سبيل التوحيد القومي[27]، وأقامت شرعية سلطتها على التخلص من الاستعمار، وتقديم ثقافة مضادة لثقافته، ودفع كافة “القوى” الوطنية للتخلص من التخلف[28].
وبسبب هذا التوجه بدا الخطاب القومي خطابا “ديمقراطيا شعبويا” يتذرع بسيادة الشعب وإرادته العامة. بينما بقيت الممارسة موجهة إلى رفض حكم الأجانب، وإهمال كون الشعوب تحكم دون استشارتها، مما جعل أهداف القومية تتقاطع مع أهداف الديمقراطية، دون أن يساعد ذلك على لقائهما[29].
ولعل هذا الاعتبار هو ما دفع البعض إلى القول إن القومية في جوهرها نظرية للشرعية السياسية، ترى قيام الحكم على تطابق الانتماء الثقافي بين الحاكمين والمحكومين، كما ترى أن نزع الاستعمار لا يعني أن يتمتع الناس بالديمقراطية، بل يعني أن تكون السلطة وطنية في المقام الأول[30].
غير أن القومية، التي نجحت في تكوين شعور الانتماء العربي، وفي رسوخ وعمق الشعور بالهوية القومية، كانت إيديولوجيا بين إيديولوجيات ارتبط نجاحها أو فشلها بظروف الممارسة، والعوامل الخارجية، وبتطور أوضاع العالم [31].
وإذا كنا أسلفنا في بداية هذا التمهيد أن الدعوة القومية استقطبت الوعي النهضوي، والممارسة التي رافقتهُ، بعد أن اصطدمت جهود إصلاح الدولة العثمانية بنزعة التتريك، فقد رأينا من المفيد أن نكتنه حقيقة هذا الإصلاح، ومحتواه، والجهات والأفكار التي عبرت عنه.
ونقصد بعبارة الإصلاح تلك الأفكار والجهود التي أرادت أن تتوجه بعملها نحو الأمة ونحو الإسلام. بعد أن رأت في هذا الأخير مادة حياة جديدة، إذا ما تم تخليص العقائد، والعقول، والنفوس، مما نالها من تحريف وتحجر وانهيار.
فكما كانت فكرة “الوحدة العربية” دافع الدعوة القومية وغايتها؛ فإن فكرة “الوحدة الإسلامية” كانت الموجه الذي يوجه الدعوة الإصلاحية والغاية التي تنتهي إليها. فقد رأى جمال الدين الأفغاني، وهو أحد رادة الإصلاح ورموزه، أن الوحدة بين المسلمين تقوم على دعائم منها اتصال البلاد الإسلامية جغرافيا، واتحاد القلوب على عقيدة جامعة موحِّدةٍ، وكثرةُ العدد، والبسالة عند جلاد الأعداء[32].
لكن هذا الرأي لا يذهب إلى أن هذه الوحدة المنشودة تكون وحدة في السلطة، وفي النظام السياسي، وإنما يراها وحدة “استراتيجية” تعني أن يكون ” سلطان جميعهم القرآن، ووجهة وحدتهم الدين، وكل ذي ملك يسعى جهده لحفظ الآخر ما استطاع، ويعتقد أن حياته بحياته، وأن بقاءه ببقائه”[33].
ومبعث هذه النظرة الواقعية فهم طبائع الحكام آنئذ، وتيقنه من افتقارهم إلى خلق التضحية بالمكاسب الشخصية وبالسلطة لما فيه صالح المسلمين، وخدمة الأمة. وكانت نظرة الأفغاني إلى الوحدة مرتبطة بموقفه من الاستعمار، إذ رأى فيها وقاية للمسلمين، وحماية لبلادهم[34].
ولعل ذلك ما دفعه إلى تحفيز المسلمين على ” اكتناه أسباب تقدم الغرب والوقوف على تفوقه وقدرته”[35]. وقد ضرب مثلا بروسيا وتجربتها في اكتساب فنون الغرب وصناعاته، وإنما تأتى لها ذلك بفضل أفكار الدفاع عن الأمة، واتفاق الناس على النهوض، وارتباط قلوبهم[36].
وخلاصة أفكار الأفغاني أنه دعا وعمل من أجل “… إصلاح الإسلام ليساير المدنية الحديثة وتحرير الشرق من سيطرة الغرب”[37].
وإذا كان الأفغاني قد استولت عليه فكرة تحرير الأمة والبلاد من الاستعمار؛ فإن عالما آخر هو محمد عبده اهتم بتحرير الفكر من قيود التقليد[38]، ونزع ثقته من المذاهب المغلقة، ومال بعقله إلى الحقيقة المفتوحة[39]. فاستقامت نزعته الإنسانية التي ابتعدت عن الميتافيزيقا، وعن الصوفية المتشائمة، والفلسفة المادية جميعا، وكانت نزعة تحافظ على الانسجام بين العقل والإيمان[40].
وكما كان محمد عبده قد سار في طريق إسلامي وثيق الارتباط بالواقع، متأثرا بأصوله الأشعرية؛ فإن محمد بن عبد الوهاب وقف نفسه على القيام بدور مواز في الجزيرة العربية، مقيما أسس دعوته على الرجوع إلى ما اعتقد أنه الأصول الصحيحة للإسلام، أي القرآن والسنة، معلنا حربه على كل ما مازج الإسلام من صور الأضاليل والأباطيل، وما شاب دعوته من بدع، مستلهما في ذلك مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وأعمال ابن تيمية، وابن القيم[41].
تلك منابع الفكر الإصلاحي الذي عرف توسعا جعل أمر الدلالة عليه يوكل إلى أكثر من اصطلاح، فقد رادف الإصلاح الديني، من تشعباته، العديدُ من جهود النهوض نظرا وممارسة، من الدعوة الإسلامية إلى الحركة، إلى الصحوة، أو الفكرة…إلخ، وتنوع بين الحركة الدينية، وحركة التغيير الاجتماعي، وغير ذلك.
ويلاحظ على الحركة الإسلامية المعاصرة، على اختلاف اتجاهاتها، وشعبها، أنها تدين بزادها النظري والفكري لأعلام الإصلاح الإسلامي مثل جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد إقبال، وابن باديس، وخير الدين.
فقد وضع هؤلاء الأهداف التي ظلت تحكم وجهتها ومسارها وهي: إعادة بناء التنظيم السياسي على أساس أحكام الشريعة، ومكافحة المذاهب الطبيعية المادية الآتية من الغرب، والعودة إلى النص، ونبذ التعصب المذهبي، وإنكار البدع، وتحرير الفكر من التقليد، والرجوع به إلى منابعه الأولى[42].
وتدور التوجهات النظرية للحركة الإسلامية المعاصرة على ثلاثة مدارات، النظرة إلى الغرب، والموقف من التراث، والنظرة إلى الواقع.
أما النظرة إلى الغرب فتقوم على رفض التغريب، واستنكار الاقتداء بالغرب لأنه يفضي إلى فقدان الذاتية والاستلاب، وهو ما لا يعني نبذ الحضارة الفكرية الغربية برمتها، بل يعني الحذر من الارتباط الوجداني بالغرب، أو التعصب الوجداني ضده. ويدعو إلى الاستفادة من الواقع العالمي بكل مكوناته، وتوظيف جميع مكاسب الحضارة الإنسانية في تجديد بناء المجتمع الإسلامي[43].
وأما الموقف من التراث فقد ميزه التفريق بين عناصره الثابتة وعناصره المتغيرة، وتمييز الأصول من الإنتاج الحضاري، ومن اجتهاد المسلمين. وهو ما أدى إلى ” قبول مبدأ النقد الذاتي، والاتفاق على استئناف الاجتهاد في تمحيص التراث وتنظيره بالواقع”[44].
وبذلك سعت الحركة الإسلامية إلى الخروج بالتراث من ثنائية” التقديس والتحقير”، والخروج به من ضبابية المثالية التجريدية إلى الزمانية والواقعية التي تربطه بالمجتمع والعصر[45].
بينما نلاحظ، فيما يخص النظرة إلى الواقع، اختلافا من واقع إلى آخر، ذلك أن بعض الحركات انشغلت بالمسائل الأخلاقية، فيما اتجه اهتمام حركات أخرى إلى الواقع الوطني، وإلى الواقع الإنساني كله عند ثالثة.
وقد استطاعت الحركات الإسلامية الخروج من أفكار” رفض الواقع” وجحود قدرته على التغيير، وإهمال طاقاته وإمكاناته، غير أنها في قبولها الواقع واستهدافها التغيير، وجدت نفسها بين تأثير سلطتين، سلطة التاريخ الإسلامي في عصوره الزاهية، وسلطة الأنموذج الغربي في صورته الانتقائية.
وللتغلب عليهما معا سعت الحركة الإسلامية إلى انتهاج سبيل وسط بين الاثنين يرفض مماثلة القديم، كما يرفض الشذوذ الذي يسببه الانقطاع عن الجذور[46].
ولعل خلاصة ما سبق أن الحركة الإسلامية تتطور على نحو يجعل منها حركة إيديولوجية للتحديث والنهضة، وذلك بتأسيس عملها فكريا على مفهومات إسلامية من شأنها أن تبني منظومة من المبادئ الإنسانية[47].
غير أن أمام الحركة الإسلامية، والدعوة الإسلامية ضروبا من التحدي داخلها وخارجها تجعل منها حركة نضال ضد أعدائها وخصومها، وحركة للفكر والحوار والتغيير الاجتماعي. وهي مهمات من شأن تصرف الحركة الإسلامية إزاءها أن يوجه مستقبلها، ودورها في النهضة العربية، وفي حداثة المجتمع العربي، وحداثة نظمه السياسية والاجتماعية، وحداثة ثقافته.
إن متتبع الفكرتين القومية والإسلامية يلاحظ ما بينهما من تداخل وتفاصل، وسبب التداخل ارتباط العروبة بالإسلام وارتباطه بها، أما التفاصُلُ فقد يعود إلى ارتباط القومية بالعلمانية أو الماركسية، أو اتحادها بالنظام السياسي السائد، الذي كانت علاقته بالحركة الإسلامية علاقة سيئة تراوحت بين الاضطهاد من جانب، والعداء أو الحذر من الجانب الآخر.
أما الليبرالية، والماركسية، وهما فكرتان متناقضتان، فقد ترجع مصاعبهما إلى كون كل واحدة منهما فكرة نخبوية، وقد جلبتا قعلا أفكارا جديدة، لكنها بقيت على هامش حركة المجتمع بسبب ضآلة النخب التي تبنتها، فضلا عن كون كل من فكرتي: “الحرية والديمقراطية” و” المجتمع الخالي من الطبقات” تراهن على الدولة الفضلى والمستحيلة[48].
يضاف إلى ذلك أن النخبة الليبرالية لم تمسك بكل السلطات، بل فرض عليها أن تتنازل للملكية، وللسلطة الاستعمارية[49]. وكان هذا الاعتبار وراء الفكرة السلبية عنها كونها بدت وكأنها “جربت” و”فشلت”[50] .
لأن الأنظمة الليبرالية في مصر وسورية والعراق بين الحربين العالميتين الأولى والثانية فشلت في مجابهة الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لمعظم السكان، وهو ما قاد إلى فشلها، وسقوطها على أيدي العسكر دون أن يأسف على زوالها أحد[51].
والخطاب الليبرالي خطاب سياسي، لكن أساسه الفلسفي يقوم على العقلانية، ومن المعروف أن الواقع العربي افتقر، خلال القرن الماضي وبداية القرن الحالي (العشرين)، إلى البيئة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي تساعد على نمو العلوم الطبيعية والتجريبية، حيث يمكن للعقلانية أن تنمو[52].
غير أن تلك الاعتبارات لا تنفي عن الليبرالية بعض المكاسب في مجال النضال السياسي والدبلوماسي ضد الغرب، وقدرا من التصنيع، والانفتاح الثقافي النسبي على الغرب، والتعددية السياسية، والاعتداد بالعقل، وتحرير المرأة، والدفاع عن الطابع العلماني للدولة[53].
أما الماركسية العربية فقد قامت على اعتبارات منها اعتبار الاشتراكية الحل الحتمي للتحديث والتنمية، بالنظر إلى ضعف ” البورجوازية” الوطنية، وطبيعة العصر وتغيراته[54]. كما ربط الماركسيون بين الكفاح الذي يخوضه العرب ضد الاستعمار، والكفاح الواجب خوضه ضد “الرجعية” المحلية المرتبطة مصالحها معه[55].
وقد استند التطور النظري للأفكار الماركسية العربية، في الغالب، إلى نصوص ماركس ولينين التي تناولها الخطاب اليساري بالشرح، ورأى فيها النظرية القمينة بالتطبيق، وأثمر هذا الخطاب نتائج محسوسة في مجالات تشكيل الوعي السياسي داخل النقابات، وفضح الطابع الاستغلالي للاحتكار الأجنبي، ودعم حركات التحرير الوطنية، وثوراتها ضد المحتلين[56].
أما عوامل انحسار الأفكار الماركسية الداخلية، فربما أمكن تلخيصها في أمور منها: أصالة التنظير وفق تكوين المجتمع العربي، وعدم استيعاب أصول النظرية الماركسية بصورة منهجية دقيقة، وغلبة فهم الماركسية على أنها عقيدة ناجزة، لا على أنها ثمرة منهج نقدي، والادعاء النخبوي الذي يهمل كون الجماهير هي صانعة التغيير[57](57).
وبخصوص التراث، فإن مشكلة الماركسية تكمن في ما وصفه حسين مروة بأنه نفيها ” العلاقة بين الوعي الماضي والوعي الحاضر…”[58](58) واعتبارها أن “الوعي الحاضر انعكاس للوجود الحاضر وحسب.”[59] وهو ما يؤدي إلى العجز عن تفهم التاريخ الإسلامي والعربي الذي ينبغي أن تضطلع به النظرية المادية، بعد إصلاح هذه العلاقة.”[60]
وختاما لهذا التمهيد، نعيد إلى الذاكرة حقيقة أن القراءات التي جعلت الواقع العربي المعاصر موضوعا لها، وظفت مفهومات “النهضة” و “الحداثة” وربما “ما بعد الحداثة” للوصول إلى معرفة الآلية التي سار عليها الجهد المبذول في الوطن العربي المعاصر، وتطور المراحل التاريخية التي بذل فيها هذا الجهد، والأفكار التي وجهته.
ومع أن استخدام هذه المفهومات يختلف من باحث لآخر، ومن قارئ إلى قارئ؛ فإن خصوصية الباحث القارئ لا تنفي الطابع الخاص لهذه المفهومات باعتبارها مفهومات “مستعارة”، ولا ارتباطها ببيئتها الغربية الأم. وإذا كان مفهوم النهضة مفهوما يعبر عن حالة العرب، ومحاولتهم الانتقال من حال العجز والتفكك والتقليد، إلى حال التيقظ والتماسك الذي يؤهلهم للتحرر والاستقلال التاريخي.
فإن الحداثة تبقى لصيقة بمراجعة الذات مراجعة تعمق موقفها من الماضي، وتستعيد الانخراط في مسار التطور الطبيعي للتاريخ العربي الإسلامي، في الوقت الذي تيني موقفها من المستقبل على العلوم، وحتمية التقدم الإنساني، وهو ما يجعل الحداثة تعني الاتجاه إلى الجديد[61].
وكان الأدب العربي ميدانا من أكثر ميادين النهوض العربي حساسية للحداثة، وقد وجد الأدباء والنقاد في “إشكالية القديم والمحدث” التي أثار النقد العربي القديم بعض جوانبها، سندا جعل المحاولات الشعرية والنقدية المعاصرة تأخذ صورة محاورة للتراث تطمح إلى تجاوزه وتطوير محتوياته وفق رؤية مبنية على طلب الإبداع والتجديد[62].
لذلك فإن الصلة بالتراث، مثلها مثل الصلة بالغرب، ليست من صميم الحداثة الشعرية والأدبية، وإنما هي من القضايا التي يثيرها النقد لدى مقاربة الحداثة بصفتها ظاهرة معاصرة[63]. فهي تخص الانتقال إلى الحداثة أكثر مما تخص الحداثة نفسها. وربما نمت العناية بها ضمن إرادة جعل الرؤية الفكرية والفلسفية الموجهة للرؤية الفنية أكثر عمقا، وأشد ارتباطا بالواقع الحاضر، الذي يعتبر التراث عنصرا من عناصره.
وإذا كان هناك من يرى أن محاولات التحديث نجحت في إدخال العرب ضمن سياق الحداثة الشعرية والفنية(= التشكيلية)، فإن ذلك يعني النجاح في تغيير حساسية العربي، وتفاعله مع الأشياء، وتغيير نظرة الإنسان إلى ذاته وعالمه، من نظرة قديمة ذات مسحة جاهلية، إلى نظرة مفتوحة على عالم الحداثة غير المحدود[64].
غير أن التخلص من التقليد، وهو جوهر عمل الحداثة والتحديث العربي، جلب عدم التمييز بين الخبرة الجمالية والفنية التي تمثل رصيد الشاعر والفنان، ومعين تجربتهما[65]، وبين التقليد باعتباره ضربا من استلاب الفنان الذي يعود إلى تقديس الموروث الجمالي، وسطوة الرؤية التي تدفع نحو ذلك الاستلاب.
لذلك فإن ” …التجديد يكون داخلا في التراث ونابعا من صميمه، دون نسيان أن ما مضى قد مضى، والأمة بأدبائها وجميع أبنائها، يجب أن تحيا للحاضر والمستقبل وليس للماضي.”[66]
ولأن قضية التحديث ارتبطت بقضية الصلة بالتراث، فقد عرفت الأخيرة تنوعا في النظرة، وتعددا في الاتجاهات المحددة للتحديث. وهكذا اختلفت النظرة إلى التراث باختلاف أصحابها،
فمن النظرة القومية إلى الإقليمية، ومن إيديولوجية دينية إلى أخرى طبيعية أو لادينية، أو نزعة علمانية وضعية، نجد هوية التراث تضبط ضبطا متباينا[67]، يغلب أن يؤدي إلى اختلاف الدور المناط بالتراث في القضايا الفنية والنقدية، التي أثارها مجهود التحديث الأدبي والفني، ضمن مسار التحديث العربي العام.
ومن بين هؤلاء الذين حاولوا ضبط مفهوم التراث ودوره في الحداثة أدونيس الذي نحاول أن نستجلي موقفه في هذه الدراسة.
[1] ينظر: أرنولد، توينبي، مختصر دراسة للتاريخ. ترجمة: فؤاد محمد شبل. مراجعة: محمد شفيق غربال، وأحمد عزت عبد الكريم. لجنة التأليف والترجمة والنشر. (جامعة الدول العربية) القاهرة:1964م.3: 310.
[2]المرجع السابق: 3: 309، 310.
[3] ينظر: حسين وهبة، فران، “العروبة والإسلام: علاقة توحد”. دراسات عربية، العدد 12، السنة 26، (تشرين الأول-أكتوبر:1990م).
[4] ينظر: السيد يسين، تحليل مضمون الفكر القومي العربي: دراسة استطلاعية. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت: 1982م.ط2: 35.
[5] ينظر: المرجع السابق: 191.
[6] ينظر: المرجع نفسه:39.
[7] ينظر: نفسه:38، 39.
[8] ينظر: غالي شكري. “النهضة العربية في تونس: الأرض والتاريخ”. دراسات عربية. العدد 8، السنة 21، (حزيران-يونيو:1985م):47.
[9] ينظر: السيد يسين-تحليل 40.
[10] ينظر: غالي شكري، المرجع السابق:47.
[11] ينظر: يسين، المرجع السابق:51.
[12] ينظر: السابق: 56.
[13] ينظر: عفيف البوني، نقد كتاب: “تحولات الفكر والسياسة في المشرق العربي 1930م-1970م لـ : محمد جابر الأنصاري”. شؤون عربية. (تموز-يوليو:1983م)،العدد29: 149.
[14] ينظر: يسين، تحليل مضمون متابعات الفكر القومي العربي (تقرير ملخص)، ندوة “القومية العربية في الفكر والممارسة”. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت: 1980م، ط2: 86.
[15] ينظر: وليد، قزيها، “التحليل التاريخي للفكر القومي العربي: تطور الحركة القومية العربية في المشرق العربي. تلخيص: عبد العاطي محمد أحمد، في: القومية العربية في الفكر والممارسة. (مذكور): 25.
[16] ينظر: المرجع السابق:25.
[17] ينظر: إلياس، فرح، القومية العربية والوحدة العربية من منظور البعث: في: القومية العربية في الفكر والممارسة:372. ( حديث بدر شاكر السياب مع الأستاذ ميشيل عفلق في الجمهورية، العراق،(8آب- أغسطس:1958م).
[18] المرجع السابق:378، 379.
[19] المرجع نفسه: 373، 374.
[20] ينظر: يسين-تحليل 89.
[21] ينظر: المرجع السابق: 93.
[22] ينظر: البوني: 151.
[23] ينظر: يسين:193.
[24] ينظر: المرجع السابق: 195.
[25] ينظر: السابق:196.
[26] ينظر: قزيها: 26.
[27] ينظر: الهرماسي، محمد عبد الباقي، القومية والديمقراطية في الوطن العربي”. في: أزمة الديمقراطية في الوطن العربي. بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية. سعد الدين إبراهيم وآخرون. مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، (تشرين الثاني-نوفمبر:1984م):176.
[28] ينظر: معن زيادة، مناقشات حول مداخلة وليد قزيها، في: القومية العربية في الفكر والممارسة:61، 62.
[29] ينظر: الهرماسي: 169.
[30] ينظر: المرجع السابق: 169، 170.
[31] ينظر: برهان غليون، اغتيال العقل: محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية. سلسلة: صاد، تحت إشراف د. علي الكنز، الجزائر، 1990م: 233، 234.
[32] ينظر: عمر، أبو النصر، زعماء التحرير في الإسلام: جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، محمد بن عبد الوهاب. مكتب عمر أبو النصر للتأليف والترجمة والصحافة. بيروت، 1968م:23، 24.
[33] المرجع السابق: 24.
[34] ينظر: السابق: 26.
[35] المرجع نفسه: 28.
[36] ينظر: المرجع السابق: 28.
[37] المرجع السابق: 33.
[38] ينظر: السابق: 106.
[39] ينظر: السابق: 106.
[40] ينظر: المرجع نفسه: 108.
[41] ينظر: السابق: 157.
[42] ينظر: مصطفى الفيلالي، تقرير تجميعي: الصحوة الدينية الإسلامية: خصائصها-أطوارها-مستقبلها. في: الحركات الإسلامية المعاصرة. إسماعيل صبري عبد الله، (وآخرون)، مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت:1989م. ط2. :350.
[43] ينظر: المرجع السابق: 351، 352.
[44] المرجع السابق: 353.
[45] ينظر: المرجع نفسه: 353.
[46] ينظر: المرجع السابق: 354.
[47] ينظر: المرجع السابق:399، 401.
[48] ينظر: الهرماسي (مذكور): 173.
[49] ينظر: المرجع السابق: 175.
[50] ينظر: المرجع السابق: 174.
[51] ينظر: المرجع السابق:174.
[52] ينظر: محمد حافظ دياب، سيد قطب: الخطاب والإيديولوجيا. سلسلة: صاد. تحت إشراف: د. علي الكنز. الجزائر:1991 م: 45.
[53] ينظر: المرجع السابق: 47.
[54] ينظر: وميض، جمال عمر نظمي، بعض مظاهر التخلف والتقدم: مع التركيز على التجربة العربية. دراسات عربية، العدد 8، السنة 21، (حزيران-يونيو:1985م):19.
[55] ينظر: حافظ دياب، المرجع السابق:49.
[56] ينظر: المصدر السابق: 51.
[57] ينظر: المرجع السابق: 51، 52.
[58] حسين، مروة، (وآخرون)، دراسات في الإسلام. دار الفارابي، بيروت:1980م: 41. نقلا عن: هشام شرابي، النقد الحضاري للمجتمع العربي، في القرن العشرين. مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1989م، ط2، 61.
[59] المرجع السابق: 61.
[60] المرجع نفسه: 61.
[61] ينظر: هشام شرابي: 86، 87.
[62] ينظر: خليل، ذياب أبو جهجة، ” هل أطلق النقد الأدبي في لبنان نظرية متكاملة حول ظاهرة الحداثة الشعرية العربية؟ ” دراسات عربية، العدد 12، السنة 26، (تشرين الأول-أكتوبر:1990م) :53.
[63] ينظر: المرجع السابق:55.
[64] ينظر: المرجع السابق:71، 72.
[65] ينظر: للمقارنة: إحسان سركيس، “الحداثة في الشعر”. دراسات عربية، العدد 4، السنة 23، (شباط-فبراير: 1987م)” 91.
[66] أبو جهجة،”الأدب بين التراث والروافد الأجنبية”. دراسات عربية، العددان 7،و8، السنة25،(-يونيو:1989م): 95.
[67] المرجع السابق: 102.